المهندس الشيخ مجدي وديع – القاهرة

الأسئلة الثلاثة…!

قضينا معاً أياماً وسنيناً ما أمجدها عندما كان عادل طالباً بالثانوي وكنت أنا طالباً بالجامعة.. وكان يجمع زملاءه المسيحيين في فسحة الغذاء ويخرج بهم إلى حديقة كورنيش النيل المواجِهة لمدرسة المنيا الثانوية وكان من وقت لآخر يطلب مني أن أكون معهم في هذه الفترات التي كنا فيها نصلي ونرنم ونتأمل في كلمة الرب، ولقد تخرج من هذه المجموعة خداماً كثيرين مشهود لهم في خدمة الرب في بلادنا وفي بلاد عربية وأجنبية مختلفة وكانت بيننا صداقة ومحبة لا أستطيع أن أقول عنها…. إنها محبة خاصة لأن عادل عندما
كان يُحب كان يُحب من كل قلبه دون تفريق كسيده الذي عاش له..
ومن أهم الأمور التي لا أنساها والمرتبطة بعلاقتي مع عادل هي الأسئلة الثلاثة التي دارت داخلي من جهته وهي:
السؤال الأول: عندما سار عادل مع الله منذ حداثة سنه وكنا نرى فيه تتميماً لما قاله الرسول يوحنا لغايس الحبيب “في كل شيء أروم أن تكون ناجحاً وصحيحاً كما أن نفسك ناجحة” (3 يو 2).. وكنت أنتظر تخرجه من كلية الطب لأرى فيه طبيباً ماهراً يخدم الله بطبه وعلمه مثل كثيرين ممن بيننا.. ولكن عادل لم يستمر طويلاً في طبه، وعندما تفرغ لخدمة السيد كان السؤال: “لماذا لم تخدم الرب وأنت تزاول الطب؟!” وكان جوابه دائماً: “أنا عليَّ أن أطيع سيدي بالطريقة التي يحددها هو لي”.. ووضح لنا بعدها أن الرب قصد من تفرغه أن يرسله إلى بلاد كثيرة يخدم فيها ويربح ويقيم أياماً وشهوراً يلد نفوساً ويشدد ضعفاء ويؤسس جيلاً يحمل مسئولية الخدمة في هذه البلاد المتفرقة..
السؤال الثاني: عندما بدأ عادل يعاني من المرض كان السؤال “لماذا عادل؟!”.. أليس المرض عائقاً للخدمة والحركة في تقديم الرسالة الموضوعة عليه! لكن الله كان يجيب دائماً: “لست تفهم الآن ما أنا صانع” ولقد قدم عادل للكثيرين – وأنا واحد منهم – درساً بل دروساً رائعة في كيفية تَحََمُل المرض وكيفية إستغلال هذا الظرف في تقديم رسائل رائعة للمؤمنين قبل الخطاة وللأصحاء قبل المتألمين..
السؤال الثالث: عندما رقد عادل، سألت الرب مع عائلتي وأحبائي المؤمنين “لماذا الآن يارب؟!” لكن الإجابة كانت واضحة في موكب وداعه وفي نفوس الذين خدمهم بأن الرسالة قد كمُلت وها هو الرب يضم عادل من وجه الشر..
وسؤالي إلى نفسي الآن: “هل يُنسى عادل؟”.. طبعاً لا.. فعادل في الذاكرة وفي القلب وإبتسامته الحلوة أمام عينيّ.. ومحبته الصافية تملأني..
الشيخ: مجدي وديع جريس
الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة

شارك المقال